تراحم
تراحم
تراحم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تراحم 12
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
لاجلكم سويت مسابقة افضل موضوع وكل نهاية اسبوع يوم الجمعه... يتم تحديد الفائز..الجوائز عبارهـ عن بطاقات شحن..بس ناقصنا تفاعلكم...

 

 سيرة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المتالق
المدير العام
المدير العام
المتالق


عدد المساهمات : 186
تاريخ التسجيل : 22/08/2010

سيرة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود Empty
مُساهمةموضوع: سيرة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود   سيرة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 20, 2010 11:08 pm

سيرة العلامة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود - الجزء الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم


سيرة العلامة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود - الجزء الأول
سيرة العلامة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود
(رحمه الله تعالى)







الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد :



نسبــه:
هو الشيخ عبدالله بن زيد بن عبدالله بن محمد بن راشد بن إبراهيم بن محمود بن منصور بن علي بن حامد الشريف. وآل محمود وآل حامد أمراء سيح الأفلاج من ذرية الإمام حامد بن ياسين الشريف أمير الوادي , ويتصل نسبهم بالحسن بن علي بن أبي طالب.




مولده ونشأته:
ولد في حوطة بني تميم في جنوب نجد سنة 1327 للهجرة ونشأ بها بين والديه , وكان والده تاجراً توفي والشيخ صغير لم يبلغ سن الرشد فتحملت والدته تربيته وكانت امرأة صالحة تكثر الدعاء له وكانت تتمنى أن تراه عالماً كبيراً .




طلبه للعلم:
تلقى دروسه الأولى , كعادة الناس في زمنه , على عدد من المشايخ من أمثال: الشيخ عبدالملك بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبدالعزيز بن محمد الشثري (أبو حبيب) .وعندما انتقل الشيخ أبو حبيب قاضياً في منطقة الرين انتقل معه لملازمته والدراسة عنده حتى سن الرابعة عشرة.
حفظ القرآن الكريم وهو صغير وكان شغوفاً بطلب العلم. وقد ساعده على ذلك نباهته وقدرته على الحفظ حتى بز أقرانه، وقدمه شيوخه للصلاة بالناس التراويح ولما يتجاوز الخامسة عشرة, مما يدل على اعترافهم بتفوقه وجدارته . وقد تفرغ لطلب العلم فدرس وحفظ الكثير من الكتب والمتون، كمتن الزاد ومختصر نظم ابن عبدالقوي، وبلوغ المرام، وألفية الحديث للسيوطي، ونظم المفردات، وألفية ابن مالك، وقطر الندى وبل الصدى في النحو، والكثير من الأحاديث النبوية عن ظهر قلب .وحفظ الكثير من كلام العرب وأشعارهم.




سفره في طلب العلم:
كان الشيخ محباً للعلم شغوفاً به , وقد شجعه شيوخه على الاستزادة منه فيمّم وجهه شطر قطر حيث افتتح الشيخ محمد بن مانع مدرسته التي استقطبت طلاب العلم من قطر وخارجها . وكان عمه سعد بن ابراهيم آل محمود مقيماً في قطر قبلها بسنين طويلة مما وفر له المقر حتى تمكن من الاستقلال بنفسه. وبدأ دراسته التي استمرت حوالي أربع سنين وحتى انتقال الشيخ محمد بن مانع إلى مكة .يقول بعض من عرفه في ذلك الوقت إنه لم يكن يترك المصحف أو الكتاب من يده طوال اليوم ، وكان يقضي أغلب وقته في مسجد عبلان الواقع جنوب البنك العربي للدراسة والمراجعة. يقول أحمد بن الشيخ محمد بن مانع " كان الشيخ ابن محمود من أبرز طلبة الوالد رحمه الله , وكان والدي يرى فيه مخايل النبوغ, فتعهده واهتم بتعليمه , وكان الشيخ ابن محمود حريصاً على العلم , سريع الحفظ حاضر البديهة. وعندما غادر والدي إلى مكة لتسلم عمله بطلب الملك عبدالعزيز سافر الشيخ معه."
وذكر الشيخ زهير الشاويش أن الشيخ محمد بن مانع قال للشيخ علي بن عبدالله حاكم البلاد في حينه: "عليكم بالشيخ ابن محمود ، فوالله إن ذهب أو ترك فلن تجدوا مثله"
عندما وصل الشيخ إلى الرياض لزم الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ _ مفتى الديار السعودية بالرياض وكان أكبر عالم فيها وصاحب نفوذ كبير في المملكة، وأخذ عنه العلم سنة كاملة.




ثقافته العالية واطلاعه الواسع:
كانت حياة الشيخ طلباً متصلاً للعلم منذ صغره ، فقد كان منقطعاً لتلقي العلم وحفظ القرآن والأحاديث والمتون المختلفة , وكان لوالدته فضل كبير على دفعه في هذا السبيل ودعائها الدائم له وموافقتها على سفره إلى مناطق بعيدة لطلبه مع كونه ابنها الوحيد.
وحتى حين تولى القضاء, فلم يشغله عن طلب العلم شاغل, وكان شغوفاً بالدراسة والمطالعة لا ينقطع عن التنقيب في بطون الكتب والبحث في المراجع والأمهات التي تحفل بها مكتبته الخاصة. وإن صادفته _ أثناء قراءاته _ فكرة أو فائدة إستحسنها بادر بتسجيلها حتى تبقى حية في ذاكرته ، وتحوي أوراقه الكثير من هذه الكتابات ، وهي مكتوبة على أي أوراق تكون في متناول الشيخ كظهر رسالة أو مظروف أو قصاصة ورق.بل إنه قد ينهض من نومه لتسجيل فكرة أو خاطرة قبل أن ينساها. وكانت للشيخ همة عالية وفهم كبير وإذا اهتم بأمر لا يخلد للراحة حتى ينجزه. وقد درس فضيلته الكثير من الكتب المتعلقة بالعلوم الإسلامية المختلفة. وقد توسع كثيراً في العلوم الدينية فلم يقتصر على معرفة مذهبه بل تعداه إلى دراسة جميع المذاهب واطلع على مواقع الخلاف والإتفاق بينها . ودرس كتب الملل والنحل الأخرى .. وهو حنبلي المذهب سلفي العقيدة , وقد أحاط إحاطة واسعة بالتفاسير المختلفة والصحاح كما قرأ الكثير من كتب التاريخ والسير , وهو على علم واسع بأيام العرب وأنسابهم وتاريخ الإسلام ورجالاته . وله ولع بالأدب والشعر ويحفظ الكثير من القصائد وأبيات الحكمة والأمثال العربية ويستشهد بها كثيراً في أحاديثه وكتاباته.




قوة الذاكرة:
وقد رزقه الله ذاكرة نادرة حيث كان سريع الحفظ ولديه قدرة في استرجاع ما حفظه والإستشهاد بما مر عليه وعند مناقشة موضوع من المواضيع فانه يشير إلى الدليل والمرجع الذي يستند إليه ويحدد الفصل والصفحة التي ورد فيها الدليل .
يقول الشيخ عبدالله المسعري رئيس ديوان المظالم السابق في السعودية :"إنني لم أعرف أحداً من العلماء لديه مثل ذاكرة الشيخ فقد حفظ منظومة ابن عبدالقوي عن ظهر قلب وهي لا تقل عن ستة آلاف بيت, ولم يستطع أحد من طلبة العلم القدامى أو المحدثين حفظها . وكان موسوعة علمية لا يضاهيه أحد من معاصريه . كان كلامه حكمة ، سألته مرة ، هل تقول الشعر يا شيخ . فرد عليّ : جيّده لا يواتيني ، ورديّه لا أواتيه. وحفظت من كلامه حكمة قالها وهي : "نكح الكسل التواني، فولد بينهما الحرمان ".
ويقول الشيخ عبدالقادر العماري : "كان رحمة الله عليه ذا ذاكرة سيالة وحافظة نادرة ، يحفظ النصوص والأدلة والأشعار وأقوال الأئمة ، ويستحضرها بمنتهى اليسر ، ومن آيات الله تعالى فيه التي تدل على التوفيق والبركة أنه لما أصابه ضعف الشيخوخة ، وبدأ النسيان يقتحم ذاكرته القوية لتهزمه السنين ، وتغلبه سنة الله تعالى في كبار السن أنه في ذات مساء ، وكنت موجوداً في مجلسه مع كثيرين يشهدون بذلك، أن أحد أبناء الشيخ كان يمسك بالمصحف ليسمّع للشيخ ورده من القرآن الكريم ، والشيخ يقرأ عليه ، وهو في مرضه الذي ضعفت فيه ذاكرته جداً ، ودخل عدد من الناس إلى المجلس وانقطعت القراءة ، وطالت فترة الانقطاع ، ثم انصرف الناس ، فأراد الشيخ استئناف التسميع ، وقرأ لابنه الموضع الذي وقف عنده ، وكنا نحن قد نسيناه ، فتعجبنا من ذلك".
وكان الشيخ حتى آخر أيامه يقرأ القرآن الكريم ، ولا ينسى منه شيئاً ، مع أن القرآن الكريم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم سريع التفلت ، لكن كان ذلك بفضل الله أولاً ، ثم بحرص الشيخ على مراجعة محفوظه من كتاب الله من خلال ورد يومي استمر عليه طوال حياته.
وقد حباه الله قدرة على الحفظ وسرعة في استحضار ما حفظه وقد ساعده هذا على حفظ المتون والكثير من الأحاديث النبوية الشريفة بأسانيدها، وكانت ذاكرته القوية مضرب مثل، يقول رجل الأعمال عبدالعزيز بن علي بن عزمان :" ذكر لي والدي عن حادثة قديمة عندما كان الشيخ عبدالله يدرس عند الشيخ أبوحبيب وكان في سن صغيرة ، يقول : أخذني الشيخ أبو حبيب لزيارة الشيخ عبدالله فرحب بنا وبدأ يعد لنا القهوة ، وأعطى أبوحبيب للشيخ عبدالله ورقة فيها منظومة في الفقه من ثمانين بيتاً ، وأثناء ما كانت القهوة على النار استمر الشيخ عبدالله يطالع فيها وقبل أن تفور الدلة أعادها إلى الشيخ أبوحبيب ، فقال له : أنا أعطيك إياها لتقرأها علينا وأنت تعيدها. فاستفتح الشيخ بأول أبيات القصيدة وأخذ يسردها حتى أتى على نهايتها. يقول علي بن عزمان : فعجبنا غاية العجب، وعندما خرجنا أمسك أبوحبيب بيدي وقال : ياعلي ، والله إن طالت بك حياة ، واستمر عبدالله في العلم أن يعدّ له عدود ". أي يحسب له حساب. وفعلاً حدث ما تنبأ به شيخه أبوحبيب حتى إنه اعترف له في أكثر من مناسبة أنه أصبح أعلم منه. يقول عبدالعزيز بن عزمان ، كنت أصب القهوة في مجلس والدي الذي كان مستضيفاً للشيخ عبدالله بن زيد الذي قدم من قطر . وبدأت بتقديم الفنجال للشيخ أبوحبيب باعتباره الأكبر سناً ولكنه ردّه إلى الشيخ ابن محمود ، الذي رفض بدوره أن يأخذه وقال : كيف آخذه ، أنت شيخي وخالي ، فرد عليه الشيخ أبوحبيب : أنا شيخك وخالك ولكن الله فضلك علي بالعلم، ومع ذلك رفض الشيخ ابن محمود أن يتقدم على شيخه في أخذ الفنجال.وذكر عبدالله بن إبراهيم الخرجي حادثة مماثلة.




التدريس في الحرم المكي الشريف:
كان من نعم الله تعالى على الشيخ عبد الله أن شرّفه للقيام بمهمة التدريس و نشر ما تعلمه من كبار المشائخ وأساتذته المهرة البارعين ،ومن حسن حظه أنه قد سنحت له هذه الفرصة الثمينة في أشرف بقعة وأفضل مكان لتأدية هذا الواجب العظيم ألا وهو بيت الله الحرام، حيث اختاره الشيخ محمد بن إبراهيم ضمن ثمانية من أبرز تلاميذه للذهاب إلى مكة للوعظ والتدريس بها , فتوجه الشيخ إلى مكة ومكث بها فترة للدراسة ثم خصص له كرسي للتدريس في المسجد الحرام . يقول الشيخ جاسم بن علي بن عبدالله : " سافرنا للحج عام 1359 هـ مع الجد الشيخ عبدالله بن جاسم رحمه الله، وسمعنا ونحن بالحرم عن شيخ اسمه إبن محمود له درس ، فبحثنا عنه وسألنا حتى دلونا عليه ، وكان شاباً أبيض ذو لحية خفيفة ، وكان يلقي درساً عن أحكام الحج ، فجلسنا نستمع وكانت هذه أول مرة أراه فيها".




تولّيه القضاء في قطر:
في منتصف ذي القعدة من عام 1359هـ قدم الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني حاكم قطر, إلى مكة قاصداً الحج وبصحبته ابنه الشيخ حمد بن عبدالله وعدد من كبار أفراد الأسرة الحاكمة والأعيان . وبعد أداء فريضة الحج طلبا من الملك عبدالعزيز آل سعود أن يبعث معهم برجل يصلح للقضاء والفتيا حيث كانت قطر في ذلك الوقت بدون قاض بعد أن غادرها الشيخ محمد بن مانع الذي طلبه الملك عبدالعزيز من الشيخ عبدالله بن قاسم ليتولى الإشراف على التعليم في المملكة الوليدة، وقد وقع اختيارهم على الشيخ عبدالله بن زيد بإيعاز من الشيخ محمد بن مانع الذي رشحه لما رآه منه من سعة العلم والإطلاع . وقد صدر الأمر إليه بالتوجه معهما في نفس السنة حيث تقلد أمانة القضاء في 15 من ذي الحجة عام 1359هـ (1940م).
كانت الفترة التي تولى فيها الشيخ القضاء هي في بداية تكوين الدولة وكانت أجهزة الحكومة بسيطة وقليلة وإمكانياتها محدودة , وقد مر عليها ظرف اقتصادي صعب مع انهيار اللؤلؤ الطبيعي , وقد تولى الشيخ القضاء مع نشوب الحرب العالمية الثانية التي استمرت ست سنوات، وتضررت منها دول الخليج حيث انقطعت المؤن التي كانت تصل عن طريق البحر، وأدى ذلك إلى ازدياد نشاط التهريب وارتفعت أسعار السلع إلى عشرة أضعاف أو أكثر مما تسبب في عجز الكثيرين عن توفير لقمة العيش وكثرت الوفيات بسبب الجوع والأمراض .
تصدى في بداية عمله للكثير من المشاكل المعقدة والمزمنة وبعضها خلافات تراكمت عليها سنون لم يتم حلها، فكان موفقاً في حل أي مشكلة مستعصية، وقد استطاع في مدة وجيزة أن يحل الكثير من الخلافات القبلية خاصة في مناطق الشمال بحيث استقرت العلاقات بين القبائل هناك .
وقد اشتهر في قضائه بتحري العدل والنزاهة , وكان لا يفرق في قضائه بين كبير وصغير فالجميع أمام الحق سواء ، ويتناقل الناس كثيراً من المواقف التي حكم فيها لصالح أشخاص ضعاف ضد شيوخ ووجهاء ، وهو يعتبر _ بحق _ مؤسس القضاء الشرعي في قطر , حيث وضع نظام تسجيل الأحكام والقضايا لحفظها, ولم يكن القضاة قبله يسجلون أحكامهم في سجلات ، أو يكتبون الأحكام في صكوك ، وإنما يكتفون بكتابة ورقة مختصرة في يد صاحب الحق تثبت حقه ولا يوجد مايقابلها لدى القاضي.




طريقته في القضاء:
كان فضيلته يبكر في الجلوس للقضاء قبل طلوع الشمس طوال العام ما عدا أيام الجمع. وكان مع هذا قليل السفر خارج البلاد ويبدأ جلسته ببحث وكتابة القضايا المعروضة أمامه في اليوم السابق وبعد انجازها يستدني الخصوم الذين تغص بهم قاعة المحكمة في كثير من الأحيان فيبدأ بحل قضاياهم ويجتهد في الإصلاح بينهم ما وجد إلى ذلك سبيلا ويساهم من ماله في الإصلاح إذا كان الخصم فقيراً .
وقد يتطاول عليه بعض الخصوم برفع الصوت أو التجريح فيتحمل منهم كل ذلك في صبر, وقد رفض عدة مرات وضع شرطة لتنظيم الدخول عليه خوفاً من أن يردوا صاحب حاجة ويمنعوا سائلاً. وأكثر القضايا يحلها في جلسة واحدة ويحرص في القضايا المتعلقة بالعقار أن يخرج بنفسه لمعاينة مكان الخلاف, ويتأنى كثيراً قبل إصدار حكمه حتى يتضح الحق والصواب فيقضي به.. وكان الشيخ ذو فكر ثاقب وحكمة ودراية بأحوال الناس وقد وضع عدداً من الأسس والآراء الفقهية التي تيسر على الناس والتي تخالف ما كان عليه عمل المحاكم في المنطقة وذلك نتيجة لخبرته القضائية الواسعة وتمكنه من الفقه فقد كان أول من طبق في دول الخليج اعتبار الطلاق بالثلاث عن واحدة ، وخالف رأي الجمهور حول الطلاق البدعي حيث لم يضع له اعتباراً ، وله الكثير من الآراء التي تسير عليها محاكم قطر والتي حلت الكثير من المشاكل .
وجلوسه ليس للقضاء فحسب , فقد يأتيه من يستفتي في مسألة أو حكم شرعي ، كما يلجأ إليه أصحاب الحاجات الذين يطلبون معونته في الأمور المختلفة فلا يبخل عليهم بالمساعدة التي يريدون . وكان يهتم بعدم تأخير صاحب الحاجة ويكرم الشاهد ولا يعطله ويجهد نفسه لمحاولة الوصول إلى الحق. فإذا احتاج الأمر إلى وقوفه على محل النزاع فقد كان يواعد الخصوم ويذهب إليهم عصراً بنفسه, ومجلس الخصوم لديه واحد فإذا جاءه أحد كبار القوم أمره بالجلوس مع خصمه على كرسي الخصومة أمامه . وقد كانت له هيبة لدى كبار القوم وصغارهم و كان له فضل اعطاء الشرع احترامه وإلزام الناس بحدوده وحقوقه، وكان له فضل حماية حقوق الضعفاء من تسلط الأقوياء خاصة في وقت لم تكن فيه أجهزة الدولة قد تكاملت بعد ..
وحكام البلاد يحترمون أحكام الشرع، وإذا كان لأحد منهم قضية حول حقوق عقارية أو مالية ولم يتمكنوا من حلها عن طريق وكلائهم فكانوا يحيلونها إلى الشيخ ويلتزمون بما يحكم به. وقد أصدر الشيخ عدداً من الأحكام التي كان الخصم فيها أمير البلاد (وكان وكيله يحضر الجلسات) وقد يكون الحكم لصالح الحاكم أو لصالح خصمه.
ومما نقل عنه أنه ذهب لنظر قضية في الشمال بين أحد الشيوخ وأحد المواطنين , وكان من عادته أن يقف بنفسه على موضع النزاع قبل البت في الدعوى ويذهب عادة بعد العصر , فلما علم الذي رفع الدعوى أن الشيخ سيأتيه أعد له العشاء كالعادة , فلما حضر الشيخ قال له: يا شيخ ترى حضرنا لك العشاء , فقال : أنا لم آت للعشاء وإنما لنظر دعواكم. وبعد أن انتهى من الدعوى ركب سيارته وعاد بدون أن يتناول العشاء , وبعد أيام قليلة أصدر حكمه وكان الشيخ الذي أعد العشاء هو الطرف الخاسر في الدعوى , فلما رآه الشيخ قال له : الآن آتيك للعشاء , وتعشى عنده فعلاً . فقد كانت تسويته بين الخصوم تقتضي أن لا يقبل دعوة أحدهما دون الآخر، وكان يرحمه الله يرفض قبول الهدايا لكون القاضي يجب أن يبعد نفسه عن أي شبهة.
وطلب منه أحد حكام قطر السابقين توثيق عطاء منه لأحد أبنائه فسأله : هل أعطيت باقي ابنائك مثله؟ فقال : لا , فرفض الشيخ توثيق هذا العطاء وقال : أشهد عليه غيري ، ثم قام من مجلسه.
وكان رحمه لله ورعاً خاصة فيما يتعلق بالمال العام , يقول الشيخ جاسم بن علي بن جاسم أرسلني الشيخ حمد بن عبدالله إلى الشيخ ، وطلب منه أسماء أولاده حتى يجري لهم رواتب من الديوان ، فرفض الشيخ أن يعطيه اسماءهم وقال : أولادي أنا أتكفل بهم .
وعندما عين رحمه الله قاضيا, أمر الملك عبدالعزيز بإجراء راتب له فعف عنه رحمه الله واكتفى بالراتب الذي أجرته له الحكومة القطرية .




الشجاعة الأدبية والصدع بالحق:
كان قوياً في الحق لايحابي ، ذكر في ردّه على رسالة أحد الوجهاء ممن كانت له علاقة قوية معه، بعد أن حكم ضده في قضية لصالح امرأة ضعيفة وبناتها الأيتام "... وإني أشعرك بأمر يعود عليك بالراحة , وهو أن مدحك لي لا يحملني على الحيف لك , كما أن ذمّك لا يستدعيني إلى ظلمك , ولو كان الأمر بالتخيير, وأن الحكم لا يعقبه حساب خبير ولا عقاب قدير , لاخترت أن يكون عندك دونهم , ولن يرهقني طغيان عليك ما نسبتني إليه من اللّوم والذم , وما نسبتني إليه من الجور والظلم في خصوص هذا الحكم , لأنه ما من أحد سلم من أذى الناس حتى كتاب الله الموصوف بالصدق والعدل لم يسلم من الطعن ..." .
وجاء عامل هندي إلى الشيخ يشكو كفيله وهو أحد الوجهاء، ويقول إن كفيلي لم يعطني راتبي من عدة شهور وعندما طالبته ضربني بالعصا وأثر ضربه واضح في ظهري، وكشف ظهره فإذا أثر الضرب واضحاً ، فغضب الشيخ وأرسل من يطلب هذا الكفيل للحضور. وعندما حضر أدخله للمكتب الخاص ومعه العامل الهندي وسأله عن أثر الضرب في ظهره ، فلم يستطع الإنكار ، فتكلم عليه الشيخ بكلام شديد وقال له: أما تخاف الله ؟ كيف ستواجه ربك بمثل هذا الفعل الشنيع. وأكثر عليه من الكلام حتى استعد هذا بتنفيذ مايحكم به الشيخ. فحكم عليه بدفع مبلغ كبير كتعويض عن الضرب وعن رواتبه غير المدفوعة ، وأحضر العامل وسأله إن كان يرضى بذلك فقبل وشكر.
وقام بعض الوجهاء بحصر ورثة والدهم وأسقطوا عمداً أختا لهم مريضة ولم يذكروها ضمن الورثة، وعلم الشيخ بذلك فاستدعاهم ودخل معهم في مكتبه الخاص ، يقول أحدهم إن الشيخ تكلم علينا بكلام شديد حتى قمنا نتسابق إلى الباب هاربين.
وعندما حاول أحد مستشاري الحكومة في السبعينات إصدار قانون يحدد درجات للدية تزيد وتنقص حسب دخل الشخص , وقف موقفاً صلباً وعارض الفكرة وذهب إلى الحاكم ونائبه وناقشهما وأوضح لهما أن في الأمر مخالفة شرعية واضحة وأن المسلمين تتكافأ دماؤهم ولا يجوز التفريق في قيمة الدية بين الغني والفقير , مما أدى إلى إلغاء الفكرة ولا يزال الأساس الشرعي للدية هو المطبق في قطر .
واشتكى أحد المواطنين بأن وكيل أحد حكام قطر السابقين يبني للحاكم عمارة وقام بفتح مكيفات مطلة على عقار المشتكي ، فطلب الشيخ الوكيل وسمع حجته ووقف على الموقع ، ثم أصدر حكمه بسد الفتحات لكونها تؤذي الجار . واضطر الوكيل لتنفيذ الأمر بعد أن راجع الحاكم فقال له : نفذ أمر الشيخ .




برنامجه اليومي وحسن ضبط الأوقات:
كان يبدأ يومه بصلاة الفجر ويوقظ أبناءه للصلاة ويصحبهم معه , وبعد الصلاة يقرأ من القرآن وردا يوميا ويفطر ، وإذا كان صباح جمعه فانه يراجع خطبة الجمعة لذلك اليوم ثم يذهب قبل طلوع الشمس بقليل إلى مكتبه في المحكمة.
وقد اشتهر _ رحمه الله _ باحترامه لوقت الدوام فكان أول من يداوم في مكتبه قبل طلوع الشمس ، وكان ينتقد القضاة الذين يبدأون دوامهم بعد ارتفاع الشمس ، ويبدأ بدراسة القضايا وتحرير الأحكام والرد على المراسلات ، وكانت عادته الإملاء على أحد الكتبة من الذاكرة بعد أن يكون قد درس الموضوع . وبعد ارتفاع الشمس يبدأ الناس بالتوافد على المحكمة، وكان كبار القوم والشيوخ يزورون الشيخ في أول ساعات الصباح للسلام عليه وتناول شئ من القهوة والحديث في شؤون البلاد . ثم يبدأ المتخاصمون في التوافد وعرض قضاياهم فيستمر لعدة ساعات في نظر القضايا والفصل فيها والرد على المستفتين، والرد على المتصلين بالهاتف، وإنجاز الأوراق والمعاملات الرسمية الخاصة بأعمال الرئاسة، إضافة لمقابلة ذوي الحاجات والصدقة على المحتاجين منهم. وعند ما يؤذن الظهر كان يذهب مع جلسائه للصلاة في المسجد المجاور للمحكمة، ثم يذهب إلى مجلسه حيث يتغدى مع ضيوفه وعياله ويأوي إلى بيته حتى صلاة العصر، ثم يجلس في مجلسه فيأتيه كبار القوم ومحبوه والكثير من أهل البلاد، وقد يأتي من يستفتيه في مسألة فيناقشها أمام جلسائه ، كما يقابل الوفود التي تأتي من خارج البلاد، ويأتيه بعض طلبة العلم والجيران والأقارب. وإذا كانت هناك قضية تحتاج إلى الوقوف عليها فإنه يخرج بعد انتهاء مجلسه مع بعض مرافقيه للوقوف عليها .إضافة إلى القيام ببعض الواجبات الاجتماعية كعيادة المريض وتعزية أهل المتوفى وزيارة كبار السن والعجزة وغير ذلك.
ثم يذهب الشيخ إلى المسجد المجاور قبل صلاة المغرب بنصف ساعة للتعبد والدعاء، ثم يدخل بيته بعد المغرب ويصلي النافلة ويرتاح قليلاً، ثم يخرج لمجلسه حيث يحرص على الاستماع إلى قراءة من أحد المراجع والكتب المهمة ما بين المغرب والعشاء، حيث يقرأ أحد أبنائه أو أقاربه قسماً من أحد المراجع العلمية، ككتب التفاسير والسنة والفقه والتاريخ، ويقوم الشيخ بشرح لبعض الفقرات لإفادة جلسائه، كما يرد على من يستفسر منهم حول ما يقرأ . ثم يدعو جلساءه للعشاء، وإذا كان لديه ضيوف فإنه يذبح لهم ويكرمهم كعادته ثم يصلي مع جلسائه ويأوي إلى بيته بعد الصلاة .




برنامجه في الشهر الفضيل:
وفي رمضان كان يلقي بعد صلاة العصر درساً يحضره كبار أهل البلاد والمصلون في ذلك المسجد , وكان درسه يتناول في كل يوم موضوعاً في الفقه أو الحديث أو التفسير لإفادة مستمعيه, ثم بعد ذلك يقوم بتدريس أولاده القرآن حتى ما قبل صلاة المغرب , حيث يذهب إلى منزله ويفطر مع جلسائه ويشاركه في تناوله عدد من الضيوف والفقراء والمحتاجين الذين يقصدونه . وكان _ رحمه الله _ كثير الصدقة في هذا الشهر الكريم.
وكان يؤم الناس لصلاة التراويح حيث يصلي بهم إحدى عشرة ركعة مع الوتر ويقرأ جزءاً كاملاً من القرآن ،ثم يجلس بعد التراويح في مجلسه حيث يقصده المهنئون بدخول الشهر المبارك كما يقصده زواره الكثيرون في مثل هذا الوقت خلال رمضان .
وفي العشر الأواخر كان يؤم الناس لصلاة القيام حيث يقرأ ثلاثة أجزاء في اليوم في ثمان ركعات مع ركوع وقيام وسجود طويل , وكان يجلس للراحة بعد الأربع ركعات الأولى حيث تدور القهوة والطيب ويلقي موعظة في المصلين تشتمل على الفوائد العديدة .




خطبه في الجمع والأعياد:
وتعتبر خطبة الجمعة التي حرص فضيلته على إلقائها منذ توليه القضاء درساً أسبوعياً، يتناول مواضيع إسلامية عامة من الأمور التي تهم الناس في حياتهم، وتحوي خلاصة لآراء فضيلته واجتهاداته في المسائل الشرعية . وبعد افتتاح إذاعة قطر أصبحت الخطبة مسموعة في البلدان المجاورة ويحرص الكثير من الناس على الاستماع إليها وقت صلاة الجمعة وليلة السبت من كل أسبوع .وقد جمعها في كتاب "الحكم الجامعة لشتى العلوم النافعة"
وكان لفضيلته مواقف مشهودة على المنبر حيث جهر فيه بكلمة الحق وأمر بالمعروف وحارب البدع والمنكرات وكان المسؤولون والمواطنون يحسبون لها حساباً ، وكانت خطبه وسيلة لتثقيف الناس وتعليمهم أمور دينهم.




الشيخ مرجع للقضاة والمستفتين:
وكان رحمه الله لايبخل على مستفت يطلب حل مسألة من المسائل الصعبة والشائكة حتى إنه أصبح مرجعاً للكثير من القضاة في بلاد الخليج والسعودية وفارس والهند ، فيرسل أحدهم ملخص القضية إلى الشيخ فيرد عليه بحلها .
يقول الشيخ عبدالرحمن الفارس ، قاضي المحكمة الكبرى في الرياض شاكراً إجابة الشيخ له على استفتاء أرسله :" ... استلمت خطاب فضيلتكم المتضمن للفتوى ، وأحطت علماً ومعرفة بما كان يجول في فكري ، فلقد أجدتم وأفدتم ولازلتم موفقين لكل ملتمس بيان من العلم، زادكم الله علماً ونوراً وبصيرة ، ووفقكم لقول الحق بدليله ، فإنكم لا تألون جهداً في إيضاح كل مشكلة وتبيين كل معضلة بدليلها ..."
وقد اشتهر فضيلته بحل القضايا الصعبة والمسائل المعقدة حتى أصبح الناس يقصدونه من البلدان المجاورة أو يرسلون إليه باستفساراتهم فيرد عليهم بما يشفي غليلهم.




رسائله واجتهاداته:
أصدر الشيخ ما لا يقل عن خمسين مؤلفاً في مختلف المواضيع, وقد تنوعت رسائله بين التوجيهات والنصائح في الأمور اليومية التي تدور عليها الحياة في المجتمعات ، ودعوة التوحيد الذي عليه عماد الإيمان ، ومحاربة البدع والآراء المخالفة للشرع .
وكان ينهج منهجاً لا يتقيد فيه بآراء المذهب, بل ينظر إلى قوة الدليل ويدعم رأيه بحصيلة واسعة من الآيات والأحاديث وأقوال الفقهاء.
كما كان لخبرته في القضاء أثرها في بعض رسائله التي يسهل فيها على الناس حل بعض مشاكل الطلاق أوالشؤون الزوجية .
وقد يأتيه استفتاء من إحدى الجهات فيؤلف فيه رسالة رداً على ذلك، كما فعل في إفتائه بجواز تحويل مقام إبراهيم، أو حكم التأمين على السيارات , أو جواز الاقتطاع من المسجد أوالمقبرة , أو إباحة السكنى في حجر ثمود , أو رأيه حول اجتماع أهل الإسلام على عيد واحد كل عام والتي ورد الاستفسار عنها من رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة بإيعاز من الملك فيصل _ رحمه الله _ وقد ألف في كل موضوع رسالة مستقلة .وقد يؤلف كتاباً لمناقشة مسألة مطروحة كما حدث في فتنة المهدي في مكة المكرمة , فقد تزامن حدوثها مع عقد مؤتمر السيرة والسنة النبوية في الدوحة وكان فضيلته قد أعد بحثاً عن السنة المطهرة وكونها شقيقة القرآن ، وقصد أن تكون موضوعاً لخطبته ، ولكنه غيّر ذلك إلى الكلام حول المهدي المنتظر وناقش مدى صحة الأحاديث الواردة فيه وانتهى إلى ضعفها , ألقاه على الحضور في المؤتمر فنال استحسانهم وألف بعد ذلك رسالته : (لا مهدي ينتظر بعد الرسول محمد خير البشر) . وعندما رأى كثرة الأضاحي عن الأموات في مناطق نجد وما جاورها أعد رسالة سماها (الدلائل العقلية والنقلية في تفضيل الصدقة عن الميت على الضحية) , وأثارت عليه بعض الردود فرد عليها بكتابه (مباحث التحقيق مع الصاحب الصديق) , إضافة لأبحاثه حول مناسك الحج لرفع الحرج عن الأمة , فألف كتاب "يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام" الذي أثار ضجة كبيرة في حينه وطلب الملك سعود من الشيخ علي _ حاكم قطر _ إيفاد الشيخ إلى الرياض لمناظرة العلماء حول فتواه , فحضر الشيخ في مجلس ضم أكثر من ثلاثين عالماً من كبار علماء المملكة وعلى رأسهم شيخه الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية وصاحب النفوذ الكبير في المملكة ، فحاور الحاضرين وطالبهم بالرد عليه بالدليل ، ووزع عليهم رسالة يدافع فيها عن رأيه طبعت فيما بعد باسم "الرسالة الموجهة إلى علماء الرياض في تحقيق القول بجواز رمي الجمار قبل الزوال"
ومما قال فيها:
"... لأني وإن كنت أرى في نفسي أني أصبت فيه مفاصل الإنصاف والعدل , ولم أنزع فيه إلى ما ينفاه الشرع أو يأباه العقل ، لكنني أعرف أني فرد من بني الإنسان الذي هو محل للخطأ والنسيان , وأنتم من الفقه والإتقان بمكان , تعرفون النصوص ولا تخفى عليكم القصود ، وهذا المسؤول عنه بين أيديكم معروض ، والقول منكم بما يستحقه مفروض، فعلى كل أخ مخلص ناصح أن يجيل فيه النظر بإمعان وتفكر, وذلك بأن يعيد دراسته, ويعجم عود فراسته، ليتضح له على الجلية معناه ، ويقف على حقيقة مغزاه ، فإن تبين أني خلطت في الدراية ، وأخطأت في الرواية ، وجئت قولاً إدّاً , وجرت عن الحق قصداً , وجب عليه أن يسددني من الهفوة ، ويسندني من الكبوة , ويكشف لي بكتاب عن وجه ما خفي علي من الصواب , لأن الحق أحق أن يتبع , والعلم جدير بأن يستمع , والقصد واحد والغاية متساوية , وكل على حسبه من العلم بكتاب ربه وسنة نبيه ، والله يعلم - وهو عند لسان كل قائل وقلبه - أنّي لم أتخوض فيما قلت بمحض التخرص في الأحكام، ولا التقول بلا علم في أمور الحلال والحرام , وإنما بنيت أصول ما قصدت على النصوص الجلية والبراهين القطعية , قارناً كل قول بدليله مميزاً بين صحيحه وعليله , ودعوت فيها الناس إلى ما دعاهم إليه كتاب ربهم وسنة نبيهم من السماحة واليسر , بدل ما وقعوا فيه من الحرج والعسر ..." .




وقد أحسن الشاعر عبدالرحمن المعاودة عندما كتب للشيخ يهنئه على إصدار رسالته (يسر الإسلام) .




إلى الهاشمي الفـذّ في صدق دينـه وفي خلق سـام وفي شرف عـدّ
أعبر عن اعجـابي اليـوم منشـداً مديحك في أهل الوهاد مع النجـد
ويسّرت في الإسلام ما كان غامضاً وأنت هديت القوم يا شيخ للرشـد




كما كتب فضيلته العديد من الرسائل في التحذير من البدع والإنحراف عن واجبات الدين ، و كتب حول الأمور الواقعة في حياة المجتمعات الإسلامية، فحذر من الخمور والربا والتبرج والإختلاط والتزوج بالكتابيات وأثره على النشء والأفلام الخليعة والتلقيح الصناعي وتحريم نكاح المتعة وغيرها .
كما ألف في تصحيح عقائد المسلمين ككتابه حول بدعة الإحتفال بالمولد، والإيمان بالقضاء والقدر , وكتاب عقيدة الإسلام والمسلمين , ورسالة الإصلاح والتعديل لما وقع في اسم اليهود والنصارى من التبديل ، ورسالة وجوب الإيمان بكل ما أخبر به القرآن من معجزات الأنبياء, ورسالة تحقيق البعث بعد الوفاة , وتحذيره من انحراف الشباب , ورسالة حول واجب المتعلمين والمسؤولين في المحافظة على أمور الدين , كما ناقش في بعض مؤلفاته مسائل فقهية هامة كحكم اللحوم المستوردة وذبائح أهل الكتاب , وحكم الطلاق السني والبدعي , وقضية تحديد الصداق , والحكم الشرعي في إثبات رؤية الهلال , وكتاب الصيام , وفضل شهر رمضان , والجهاد المشروع في الإسلام . وغيرها من المواضيع التي تعالج مشاكل في الحياة اليومية للفرد وتهدف إلى تصحيح المفاهيم ورفع الحرج عن مجموع الأمة . يقول الشيخ حسن خالد مفتي لبنان السابق رحمه الله عندما قرأ رسالة الطلاق السني والبدعي : جزى الله ابن محمود خيراً ، لقد حل لنا بهذه الفتوى مسائل عويصة في الطلاق يعاني منها المجتمع اللبناني والمجتمع الشامي عموماً، وسوف نقوم بتطبيقها في محاكمنا، ولا نملك جميعاً إلا أن ندعو له الله بالسداد والتوفيق وطول العمر، فما أحوج أمتنا إلى مثله فقيهاً متبحراً وبصيراً . (رواية عن د. يوسف عبيدان)







معاركه العلمية:
كان الشيخ رحمه الله صاحب مدرسة فقهية مستقلة فلم يكن يقبل التقيّد بآراء علماء المذهب ، و إذا رأى أن رأي هؤلاء لا يحقق المصلحة ، فقد كان يبحث عن الدليل الذي يستند عليه، وقد يخرج في النهاية برأي مخالف مستنداً إلى الدليل من الكتاب والسنة وإن أثار عليه ذلك اعتراض المعترضين . فقد سببت له رسائله واجتهاداته الكثير من النقد ، ولكنه كان يرد عليها بتمكّن وثقة تامة ، وقراءة ردوده رحمه الله تبرز قدرته المتميزة وإحاطته بما يجتهد فيه . ففي رده على من اعترض على رسالة الأضحية يقول : "...وكون الأضحية عن الميت ليس لها أصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه، ولم تحفظ عن أحد من التابعين , وأن مذهب الأئمة الثلاثة أبي حنيفة ومالك والشافعي القول بعدم مشروعيتها, وقد ذكرت مذاهبهم معزوة إلى أصحابهم وكتبهم في الرسالة ، وذكرت بأنها لم تكن معروفة عن قدماء فقهاء الحنابلة , فلم تذكر في كتب المتقدمين , لا في الخرقي، ولا كتب القاضي , ولا المغني , ولا الكافي , ولا الشرح الكبير , ولا المحرر , ولا المقنع , ولا المنتقى في الأحكام, ولا المذهب الأحمد , ولا في الإنصاف , ولا في الهداية للخطابي , ولا النظم , ولا في زاد المعاد , ولا في أعلام الموقعين , ولا في شئ من التفاسير , كما أن استحباب الأضحية عن الميت لا يوجد في شئ من كتب المذاهب الثلاثة المعتمدة , وانما الذي أدخلها على الحنابلة هو صاحب المنتهى حيث قال Sadوأضحية عن ميت أفضل منها عن حي), وأخذها عنه صاحب الاقناع .." وهذه تظهر قدرته العلمية الموسوعية بحيث يحيط بكل هذه المراجع ويقول واثقاً أنها لا تتضمن جواز الأضحية عن الميت.
وكان رحمه الله ينتقد بعض المشايخ في عدم تحرّيهم للحكم الصائب فيقول : "وبعض إخواننا يعجز عن استعمال فهمه في إدراك ما عسى أن ينفعه , وإنما يصغي بإذنه إلى ما يقول الناس بدون ترو ولا تفكّر , فإذا قالوا في الشئ خطأ قال خطأ , وإذا قالوا صواباً قال صواباً ..." ويقول : "ولكن الحق مهما حاول الناس منعه وتحاملوا على قائله : فإن عادة الله في نصره أنه يشق طريقه بنفسه لنفسه , ثم يعود الناس إلى العمل به والحكم بموجبه مهما طال أو قصر زمانه (اللهم اهد قومي لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم )..."، ويقول في ختام رسالة أخرى حول نفس الموضوع "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون , إن اجبناهم لم يفقهوا ، وإن تركناهم تركناهم إلى غيّ طويل".
ويقول الشريف شاكربن هزاع قائمقام مكة السابق : "كنا في زمن الملك فيصل لا نسمع من المشايخ إلا قال ابن محمود ورد ابن محمود ليس لهم حديث إلا عن رسائله وردوده".
وكتب الشيخ عبدالله بن خميس الأديب والمؤرخ المعروف في رسالة منه للشيخ :
"... والواقع أن استنتاجاتكم واجتهاداتكم الإسلامية ومآخذكم الموفقة، لما يتفق وروح الإسلام ومقاصده المرنة السمحة ، إذ هي تهدف إلى تحكيم الكتاب والسنة والرجوع إلى معينهما الصافي، دون الإلتفات إلى التقليد والمحاكاة وتحكم الرجال ، الامر الذي يجعلنا نطمع في أن يكثر الله من أمثالكم أهل العقول النيرة والأفكار الرحبة الذين تنشرح بهم الصدور وتطمئن إليهم القلوب ، ويجتذبون الناس بما أعطاهم الله من الحكمة والموعظة الحسنة والنطق الهادف والبحث عن الحق أينما كان وحيثما كان.ولا أكتم شيخي الفاضل أنني من المعجبين باجتهاداته الشرعية ، وبصراحته في الحق ، ولا أزال ولن أزال أكرر إعجابي وأدعو من صميم قلبي أن يكون قدوة لرجال من هذا الطراز لاتأخذهم في الله لومة لائم ولا يركنون إلى التقليد الجامد الأعمى بل يجاهرون بالحق ويجأرون به . وأنا واثق - و إن حف اجتهاداتكم الإسلامية ما حف بها من تنفجات ومخالفات - إلا أن النية الحسنة، وسلامة الطوية، وعمق المأخذ، وسلامة التفكير، وتلمس مقاصد الإسلام الكريمة وأهدافه السمحة،كل ذلك سوف يكتب لهذه الاجتهادات الخلود والبقاء، رغم ما يثار حولها من غبار، طال الزمن أو قصر ، (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) .هذا وأرجو من الله أن يصاحبكم التوفيق في قولكم وعملكم، و ان يبقى قلمكم الصريح وفكركم الناضج أسوة وقدوة .."





الجزء الثاني


تميّزه الفقهي وخصائصه العلمية:
لقد تميز منهج الشيخ الفقهي بخصائص ومميزات قد لا نجدها عند علماء آخرين ، وهذه الخصائص والمميزات هي في حقيقة الأمر نابعة من ذلك الفهم العميق والنظرة الثاقبة الغيرمتزمتة لروح الشريعة الإسلامية الغراء، ومقاصد ديننا الإسلامي الحنيف التي أكرمه الله تعالى بها ، فقد أحيا الشيخ رحمه الله ذكرى أولئك السلف الصالحين الذين وقفوا حياتهم من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل، ورفع راية الإسلام والدفاع عن حياض الشريعة، وجعلوا الكتاب والسنة شعارهم ودثارهم وشغلهم الشاغل، وجعلوا فهم السلف الصالح للسنة والآثار نُصب أعينهم ، فأثروا الأمة الإسلامية عامة والأوساط العلمية خاصة بأفكار رائعة ونظريات قيمة ومناهج قويمة، تبتني دعائمها على البحث عن الحق والسير مع الدليل أينما كان بغض النظر عن كثرة القائلين .
يقول الأستاذ الدكتورعلي شحاته (مستشار وزير المعارف في قطر قديماً):
"والشيخ ابن محمود محدث لبق لا يجارى، وخطيب مصقع لا يبارى،حاضر البديهة، صريح الرأي، قوي الحجة، قاطع الدليل، ساطع البرهان، عالي الهمة، عزيزالنفس، وهو بحق وحيد عصره، وفريد زمانه، يقول كلمته بوضوح، ويناقش الرأي بالمنطق، ويرد الحجة في هدوء، ويدفع بالتي هي أحسن.
فإذا لم تجد كل هذه الأساليب، اشتد واحتد، ورفع صوته، فكان أشد رنيناً وأحد طنيناً، فيقذف بكلمة الحق لا يهادن فيها ولا يلاين، لا يبالي أين تقع، فلا يرهب قوة ولا يخشى بطشاً، فتكون لآرائه دوي القنابل، وفرقعة الديناميت، ويواجه بعدها الأخطار في شمم و وإباء كالطود الشامخ والجبل الراسخ.
وهو حركة دائبة، يعظ، ويحاضر، ويناظر، يواتيه البيان ويطاوعه إذا خطب وتدفق منه الكلام، يأخذ بأزمة القلوب والعقول، كأنك أمام سحمان بن وائل أو قس بن ساعدة، يوجز فلا يخلّ، ويطنب فلا يملّ، إذا لان كان كالماء أو أسلس، و إذا اشتد كان كالصخر الأملس.
وقال كذلك: والشيخ ابن محمود واسع الاطلاع، يحفظ القرآن عن ظهر قلب، ويحفظ آلاف الأحاديث، فلا تستطيع أن تذكر أمامه كتاباً من الكتب إلا وقد قرأه، ولا بيتاً من الشعر إلا وقد سبقك إليه، ولا خبراً من تاريخ العرب والإسلام إلا وقد وعاه، ولا حديثاً إلا وقد رواه، ولا شيئاً من قواعد اللغة وطرائف الأدب إلا وقد ألمّ بها واستوعبها.
ولذا فإني أقول بصدق وأشهد بحق أن أستاذنا الشيخ ابن محمود أحفظ من رأت عيني من العلماء وأعرفهم بالفقه، فهو بحر زاخر، وعلم وافر، وهو آية من آيات ربه الكبرى في ذكاء الفهم وقوة الذاكرة.وتعتبر كتبه ومؤلفاته العديدة موسوعة إسلامية، وثروة عظيمة، وفتاواه ذخيرة فقهية.
له فتاوى جريئة لم يسبقه أحد من العلماء السابقين أو اللاحقين إليها، ومن هذه الفتاوى: جواز رمي الجمار قبل الزوال، فتصدى له علماء نجد فأفحمهم وانتصر عليهم، لأنه يعلم كيف يجيب إذا تكلم، وكيف يستشهد إذا تحدث، وكيف ينتصر إذا ناظر، وكيف يقنع إذا أفتى.
والشيخ ابن محمود شجاع قوي، ناصح للأمة، ناصح لأولي الأمر من الحكام والأمراء، آمر بالمعروف، وناه عن المنكر، ناصر للسنة، محارب للبدعة، له هيبة إلهية، ورهبة ربانية، لا يعطي الدنية، ولا يقبل المهانة، ولا يفرط في الكرامة".
هذا ومن خلال دراسة رسائل الشيخ رحمه الله ، واجتهاداته وآرائه الفقهية يتبين لنا أن منهجه رحمه الله في فقهه ووجهته في الاجتهاد يتمثل في العناصر الآتية :


التحرر من التقليد والعصبية المذهبية

فلم يكن الشيخ رحمه الله جامداً من الناحية الفقهية بحيث يتمسك بقول معين ولايعدل عنه حتى ولو كان رأي مذهبه ، بل كان ينظر في القضايا المستجدة نظرة الباحث والمجتهد غايته الوصول إلى الحق، لا نظرة المقيد بنصوص الفقهاء وأقوال المذاهب المتبعة ، وإنما كان جل اهتمامه هوفي النظر إلى قوة الدليل وتحقيق المصالح العامة التي لاتتناقض مع مبادئ الشريعة وأصولها وقواعدها الأساسية . وبالتالي فكان من الطبيعي أن يخرج خارج نطاق مذهبه بحثاً عن الأدلة ، ويلجأ إلى أقوال السلف في الموضوع وآراء الأئمة من خارج المذهب ، ولاسيما الإمامين الجليلين شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية ، ومن قبلهما من التابعين مثل عطاء وطاووس وغيرهم، بل إنه بالرغم من كونه يسير على منهج ابن تيمية في التحرر من التقليد وعدم التقيد بآراء المذاهب، فقد خالف الشيخ ابن تيمية في بعض المسائل كنفيه لعقيدة المهدي، وهذا يدل على استقلاليته في التفكير وتمكنه من أدوات الاجتهاد. يقول الشيخ حمد الجاسر : "ومع أنه رحمه الله حنبلي المذهب ، إلا أنه كان يجتهد ، ولا يلتزم فيما لم يتبين له وجه الحق فيه. ولهذا كان كثيراً ما يتوخى في آرائه و أحكامه ما يراه حقاً ، بحيث عرفت له آراء اجتهادية في أمور معروفة ، منها ما يراه أن الأضحية عن الميت لا تشرع ما لم يوص بذلك ، وقضايا غيرهذه أعم و أشمل ، مما له صلة بمستجدات العصر ، ولهذا وقع بينه و بين علماء عصره اختلاف في بعضها".
وتقول د/ أمينة الجابر في كلمتها عند وفاة الشيخ رحمه الله : "هل يجود الزمان بمثلك يا بن زيد وأنت العالم الجليل والعلامة المجتهد الفقيه ، السلفي الحنبلي الذي أثبت أن مذهب الحنابلة هو من أكثر المذاهب مسايرة لحوادث الزمان، بفتاواك المتميزة التي يشع منها روح الاجتهاد ونبذ التقليد ، المسايرة لروح التيسير والتسهيل الذي تميز به هذا الدين ، المقرونة بالأدلة والتعليل من القرآن والسنة لرفع الحرج عن المسلمين ؟".

النزعة الواقعية

كان من عادته رحمه الله أنه كان يتابع ما يجري من أحداث ووقائع على الساحة العربية والإسلامية مما يهمّ المسلمين في دينهم ودنياهم، فإذا طرأت مشكلة تتطلب المعالجة والحل في ضوء تعاليم الشريعة الإسلامية، فإنه لا يتردد في بحثها وإبداء الرأي فيها بما يرفع الحرج عن الناس . فمعرفته للواقع المعاش وما يعانيه الناس فيه ، وما يواجههم من قضايا وأوضاع لاتتركه مطمئن البال مرتاح الفكر، وإنما يسارع إلى تقديم حلول ناجعة لتلك القضايا وبيان رأي الفقه الإسلامي فيها بنظرة ثاقبة غير متزمتة .
فكان رحمه الله كما يقول العلامة الدكتور القرضاوي حفظه الله عن مزايا رسائله:
"ولكن الذي لا ينكره إلا مكابر ، أن رسائل الشيخ الفقهية التي أطال فيها البحث والفكر ، تتمثل فيها عدة مزايا جديرة بالتنويه والتسجيل . المزية الأولى هي الواقعية ، فليست بحوثاً محلقة في أجواء الخيال ، أو تعالج مشكلات صنعها الوهم ، أو كانت مشكلات في عصر مضى ثم عفى عليها الزمن . و إنما تعالج مشكلات واقعية يعيشها الناس و يطلبون لها حلا ، و ينشدون من حملة الشرع أن يقولوا فيها كلمتهم ، ويحددوا موقفهم ، ولا يكتفوا بالهرب من المشكلة بالسكوت عنها ، أو إحالة بعضهم على بعض ، أو انتظار الإجماع الذي قلما حدث ، وقلما يحدث . و جمهور الناس لا يكفيهم من علماء الشرع أن يقولوا : لا ندري . فإن هذا قد يقبل من واحد أو اثنين أو ثلاثة . أما أن يقول الجميع: لا أدري، فتلك هي الطامة.
و من المعلوم أن التصدي للإجابة عن تساؤلات الناس ، وحلّ مشكلاتهم في حياتهم الاجتماعية – في ضوء فقه الشريعة – فرض كفاية على علماء الإسلام ، فإذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين ، وإذا لم يقم به أحد ، وقال الكل : "لا أدري"، فقد ركب الإثم الجميع ، فجزى الله الشيخ خيراً عن المسلمين و علمائهم ، فقد قام عنهم في كثير من المواقف بفرض الكفاية " (من مقالة في جريدة الشرق 8/2/97م)


كما أن رسالته حول "أحكام عقود التأمين" و "جواز الإحرام من جدة"، و"اللحوم المستوردة" و"الطلاق" وغيرها خير دليل على هذه المزية.
يقول الأستاذ ناصر محمد الشيباني منوّهاً بدور الشيخ في تناول المستجدات وما يعيشه المسلمون من القضايا المعاصرة : "ويعلم الله لقد كان الكثير منا في حيرة و اضطراب أمام كثير من المسائل الفقهية كمسألة مواقيت الحج ، و ذبائح غير المسلمين ، وتحديد المهور ، والربا ، والتأمين ، ولما قرأت رسائلكم في هذا الباب زالت الحيرة ، و هدأ البال و لله الحمد والمنّة ، إذ هيأ الله لكم الأسباب ، وذلّل لكم الصعاب ، فأتيتم بالعجب العجاب ، وفصل الخطاب ، و إننا لننتظر بحوثاً جديدة ما دارت في خلد فقيه ، وأنتم أهل لذلك ، نفع الله بكم الإسلام والمسلمين ، و إننا لنعلم أن هناك من يحاول النيل من شامخ فكركم ، والاعتراض على بعض اجتهاداتكم من فقهاء الجمود والتحجر ، و لكن هيهات فسوف تتحطم نواصيهم على صخرتكم العاتية .ونأمل ألا يكون ذلك عائقاً و مثبطاً لجهودكم العظيمة في خدمة الإسلام والمسلمين ، فلديكم من الحجة الدامغة ما يبدد كل شبهة ، و من غزارة العلم ما يزيل كل جهالة" .
ويقول الأستاذ عبدالعزيز الهويش (نائب رئيس ديوان المظالم بالمملكة السعودية في خطاب للشيخ) : "تناولت مؤلفكم القيم (اجتماع أهل الإسلام على الصيام و على عيد واحد كل عام) وتلوته مسروراً بما حواه من معلومات قيمة ، و استدلالات صحيحة ، شاكراً لما بذلتموه و تبذلونه من خدمة للعلم و طلابه ، والتي من أهمها تلك الرسائل القيمة التي تؤلفونها فيما استجد من الوقائع التي تواجه الناس في عصرنا الحاضر ، و تبرزون فيها مرونة هذه الشريعة الخالدة ، و تقبلها لأية حادثة تحصل".

النزعة التجديدية

إن التجديد هو إحياء لما اندرس وانمحى وعفا ، وبالتجديد يحيا الدين وتحيا علوم الشرعية، وهكذا شأن سائر شؤون الحياة الفردية والجماعية، فكل من يقوم بهذا الجانب، ويعمل لإحياء شعيرة من شعائر الدين، أو سنة من سنن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، فيصدق عليه قول الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام : "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدّد لها دينها". وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين".
وقد تجلّى لنا عمله التجديدي ، ومآثره الإصلاحية الخالدة في مجال إيقاظ الصحوة الإسلامية ، وإنعاش الروح الدينية ، ومقاومة الفتن الخطيرة المحدقة واستئصالها ، وكسر طلاسم ذلك التقليد الأعمى والعصبية المذهبية التي كانت تعتمد على آراء أشخاص ، وتستنكف عن روح الشريعة ومقاصد الدين، بعيدة عن الأدلة والبراهين .
وقد لمسنا هذه النزعة التجديدية في آرائه واجتهاداته العلمية وفتاواه الفقهية والتي خالف فيها الشيخ رحمه الله الموقف السائد والمألوف بين الأوساط العلمية ، كما هو شأن كتابه حول "الأضحية عن الميت" وكذلك رسالته في عدم الفرق بين "الأنبياء والرسل"، وإنكاره لظهور"المهدي المنتظر" ، و كون "الجهاد" للدفاع و ليس للطلب ، وما إلى ذلك من الرسائل والآراء التي هي خير دليل على وجود النزعة التجديدية لديه.

رفع الحرج عن الأمة والميل إلى التيسير

تعتبر هذه الميزة من أهمّ وأعظم ما تمتاز به فتاواه وآراؤه الفقهية ،إذ إنه كان يؤمن صادق الإيمان بأن رفع الحرج عن الأمة ، والتيسير عليهم إنما هو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://triham12.mountada.biz
صغيرة بس خطيرة
عضو ماسي
عضو ماسي
صغيرة بس خطيرة


عدد المساهمات : 533
تاريخ التسجيل : 25/08/2010

سيرة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود   سيرة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود I_icon_minitimeالجمعة يناير 21, 2011 11:05 pm

مشكور ويعطيك الف عافيه يا ايها المدير المتألق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سيرة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سيرة حياة الشيخ:عبدالله ابن جبرين ’’رحمه الله..
» سيرة الشيخ محمد متولي الشعراوي
» سيرة حياة الشيخ: عبدالعزيز بن باز,,رحمة اللة
» نبذه مختصره عن الشيخ عبدالله العقيل حفظه الله
» سامحيني - عبدالله السكيتي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
تراحم :: المنتديات الإسلامية :: شخصيات-
انتقل الى: